إنفوجرافيك

حدث في يوم 8-10-2016م – جريمة استهداف مجلس عزاء في الصالة الكبرى شارع الخمسين – مديرية السبعين – محافظة امانه العاصمة (الذكرى السادسة) عدد الضحايا القتلى المدنيين (193) وعدد الجرحى المدنيين (890)

في جريمة مروعة وصفها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون “بالمذبحة الهائلة”.([1])

فقد ادان في بيانه ارتكاب السعودية وتحالفها  منذ شن الحرب على اليمن انتهاكات جسيمة و عديدة للقانون الدولي الإنساني – بيان إدانته الغاضب مثل بحد ذاته مفاجئة للكثير – حيث جاء بعد صمت وتخاذل دولي لأكثر من عام ونصف من الحرب على اليمن وجرائمها المستمرة التي لم تتخذ الامم المتحدة حيالها اي خطوات تجاه هذه الانتهاكات .

هذا الصمت الأممي فُسر من قبل الكثير بالتواطؤ مع دول التحالف الذي تقوده أغنى دول المنطقة بقيادة المملكة السعودية وتدعمه الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا في العدوان على اليمن و شعبه إحدى أفقر دول العالم وتدمير ممتلكاته، وإن لم يكن كما فسره الكثير بالتواطؤ فهو على الأقل قد شجع قوات السعودية وتحالفها على التمادي والاستمرار في ارتكاب المزيد من الجرائم بحق الشعب اليمني باستهداف المدنيين والأعيان المدنية على مدى أكثر عام ونصف من الحرب والتي لازالت مستمرة تحصد أرواح الأبرياء حتى وقت طباعة هذا التقرير, كما أنه أعطى التحالف شعور بالاطمئنان التام بعدم وجود أي محاسبة أو معاقبة دولية لهذه الجرائم وفقا لما يفرضه القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان في ظل واقع يؤكد تحكم وسيطرة واضحة  لدول التحالف العسكري ذات النفوذ الدولي  على توجهات وقرارات المؤسسات الدولية المعنية بحفظ السلم والأمن الدولي وحماية حقوق الإنسان وعلى رأسها الامم المتحدة وأجهزتها كمجلس الأمن و مجلس حقوق الانسان مما افقدها مصداقيتها وحيادها  ودورها الاساسي كضمانة دولية بحماية الشعوب الضعيفة وتعزيز حقوق الإنسان في العالم , وهو  ما يمثل مؤشر خطير على مألات كارثية يمكن التنبؤ بها للنظام الدولي في ظل هكذا أداء لمؤسساته وتغييب لضماناته.

  • جرائم التحالف العسكري في اليمن الكثيرة والفظيعة والمستمرة والتي وصفها السيد بان كي مون أيضاً بـ ” كارثة من صنع البشر” تمثل وصمة عار في جبين المجتمع الدولي, وشهادة مؤكدة على موت ضمير العالم الإنساني ليتم تشييعه مع جثامين آلاف الأبرياء اليمنيين والتي لم يكن آخرها ” المذبحة الهائلة ” إحدى جرائم السعودية وتحالفها وأكثرها بشاعة  بقصف طائراته تجمع مئات الأشخاص في قاعة عزاء آل الرويشان بالعاصمة صنعاء عصر يوم السبت الأسود   8/10/2016م سقط فيها أكثر من 900 مدنياً بين قتيل وجريح , وثقها مركز عين الإنسانية للحقوق والتنمية ليوضح بتقريره هذا تفاصيل مأساتها وبشاعتها كدليل على “تشييع الإنسانية” بعد موت ضميرها .

ما يقارب 195 قتيل، وأكثر من 843 جريح
من المدنيين كانوا ضحايا طغيان الانسان على أخيه الانسان
في جريمة قصف الصالة الكبرى بصنعاء 8/9/2016م

 ملخص

صورة للصالة الكبرى من الداخل قبل القصف

السبت الأسود 8/10/2016م خيم فيه الحزن على ارجاء اليمن, خرج الضمير العالمي من قبوه ليبدي صدمته من هول الجريمة  التي ارتكبتها قوات التحالف السعودي حين اقدمت عصر ذلك اليوم بتعمد على قصف تجمع بشري يقارب 2000 مدنياً أثناء تأديتهم واجب العزاء لآل الرويشان في وفاة الشيخ / علي بن علي الرويشان أحد أقيال اليمن و شخصياتها الوطنية البارزة والمعروفة  .

فمن التقاليد اليمنية بعد تشييع الجنازة أن يحدد أهالي الفقيد مكان استقبالهم للعزاء من كافة أقاربهم وأصدقائهم ومعارفهم ويتم الاعلان عن هذا المكان للعامة. ولكون هذه المناسبة موضع احترام لدى الشعب اليمني الذي يتميز بقوة روابطه الاجتماعية فإن الكثير ممن تربطهم أي علاقة  بالفقيد أو عائلته يحرصون على حضور العزاء ويعتبرون ذلك واجب ديني وأخلاقي حتى لو كان بينهم وبين الفقيد أو عائلته اية خلافات اجتماعية أو سياسية أو حتى قبلية فالجميع يقدس هذه المناسبة ويحترمها.

وفي اليمن خصوصاً المدن الرئيسية تنتشر قاعات كبيرة صُممت بشكل يتسع لعدد كبير من الضيوف, يتم استئجارها في المناسبات المختلفة كإقامة الأفراح, والعزاء أو المناسبات الدينية وغيرها, يجلس فيها الحاضرون من وقت العصر إلى المساء يتبادلون الأحاديث و يستمعون للأناشيد والدعاء .

أكثر من 2000 شخص حضروا عزاء آل الرويشان في الصالة الكبرى  التي اعلنوا للجميع في وسائل التواصل أن عزائهم في وفاة فقيدهم سيقام فيها، وهي من أكبر القاعات الموجودة في العاصمة صنعاء وتقع في مديرية السبعين في الجهة الجنوبية الغربية من العاصمة صنعاء.

 من بعد ظهر يوم السبت الأسود بدأ المعزون بالتوافد أفواجاً الى الصالة الكبرى التي سرعان ما امتلأت بالحشود فلم يأت وقت العصر إلا و قد اكتظت بمئات المدنيين من مختلف شرائح المجتمع اليمني بينهم قيادات سياسية ومدنية ووجاهات اجتماعية, وتجار  وسياسيون أمنيون وعسكريون، وينتمي الحضور إلى مختلف المناطق اليمنية بمختلف توجهاتهم السياسية والفكرية.

  • بالرغم من ظروف الحرب على اليمن من قبل التحالف السعودي ومن جرائمه الفظيعة والمتوالية بحق المدنيين الا ان اياً من الحاضرين للعزاء لم يتخيل ولو لوهلة أن إجرام هذا التحالف السعودي يمكن ان يصل الى حد استهداف تجمع لمئات المدنيين في صالة عزاء وسط العاصمة , لذلك لم يتردد كثير من السياسيين العسكريين والأمنيين في حضور واجب العزاء وكما قال لنا أحد الشهود من القيادات اللذين قابلهم مركز عين الإنسانية تحفظ عن ذكر اسمه في التقرير “رغم أن قوات تحالف العدوان قد ارتكبوا كل الجرائم في اليمن ولكن لم نكن نتوقع أن يتم استهداف تجمع عزاء مًعلن عنه، فقد كنا نعتقد أن القيم الدينية والإنسانية والاخلاقية والقانونية ستمنع قيادات قوات التحالف عن التفكير في هذا الامر فضلاً عن تنفيذه ولكن للأسف كان اعتقادنا في غير محله واثبتوا انهم عديمي القيم والأخلاق ” !! ([2])

 نصر الرويشان 35 عام  ناشط اعلامي وحقوقي أحد الناجين من المذبحة أخبر مركز عين الإنسانية بتفاصيل المأساة  وقال:

“ذهبنا إلى القاعة الكبرى في الساعة الواحدة ظهراً من يوم السبت استعداداً لاستقبال جموع المعزين في وفاة عمي النقيب علي الرويشان الشخصية المعروفة على مستوى مختلف مناطق اليمن, كان معي مجموعة من عائلتنا بيت الرويشان . وفي الساعة الثانية بدأ المعزون بالتوافد إلى القاعة, لتمتلئ خلال ساعة بالمعزين ومن شدة الازدحام كان من يحضر مؤخراً يكتفي بالسلام على أسرة الفقيد الواقفين على مدخل القاعة فقد كان هناك مايقارب 2000  شخص تكتظ بهم القاعة، وفي الساعة الثالثة وعشرون دقيقة تقريباً تفاجأنا بسقوط صاروخ من سقف القاعة وقع مباشرة في وسط الصالة بالقرب من الجهة الشمالية من مدخل الصالة حيث كنا نقف لاستقبال المعزين وكان يجلس مكان سقوطه هناك بعض القيادات ومئات من المعزين منهم اصهاري وأقاربي كالشهيد العرار، وحسين زياد وآخرين، عند سقوطه مباشرة شعرت بشدة الانفجار ليقذف بي إلى بوابة القاعة على بعد امتار وشعرت بالنار وهي تشتعل في ملابسي، كنت أحاول تغطية وجهي بيدي لأحميه من النيران المشتعلة بجسمي ونهضت بصعوبة لأبحث عما اطفئ به النيران، فهرعت الى البوابة الرئيسية خارج الصالة كنت اتخطى فوق جثث وأشلاء الضحايا المنتشرة في الممر الخارجي بشكل بشع ومشهد لا يمكن وصفة، حتى وصلت بصعوبة إلى خارج البوابة الرئيسية  للصالة ولمحت كومة تراب ارتميت عليها متقلباً لإطفاء الحريق من ملابسي , وبعدها نهضت بصعوبة بالغة متوجها صوب الشارع الرئيسي باحثاً عمن يسعفني , بينما كان هناك الكثير يهرعون إلى داخل الصالة لمحاولة إنقاذ الضحايا , حينها  التفت على صوت انفجار شديد لصاروخ آخر استهدف الصالة بما فيها من المسعفين وشاهدت أجزاء الركام المختلطة بالنار تتطاير بالهواء بشكل عنيف ومخيف جداً  وكان الصاروخ يحدث انفجارين متتالين، فاستمريت بالهروب حتى وجدت اشخاص قاموا بإسعافي الى المشفى, ولا زلت أعاني من هذه الإصابات كما تشاهدونها..

لقد تسببت الجريمة لنا بمأساة حقيقية  أبي وبعض أقاربي كانوا أيضاً في الصالة أصيبوا بجروح, كما فقدت العشرات من اقاربي واصدقائي ومعارفي البعض منهم تفحمت جثثهم والبعض الآخر لم نجد جثته إلى الآن منهم اصهاري عبدالعزيز زياد وطه زياد لم نجد جثثهم حتى اللحظة نعتقد انهم تحولوا إلى أشلاء.

 إنها جريمة بشعة جداً لن نستطع نسيانها وبحق فهي وصمة عار ستلاحق المجرمين من قوات العدوان وسنعمل على ملاحقة مرتكبيها لينالوا عقابهم([3]). “

” المجتمع الدولي معني بحماية حقوق الإنسان ومحاسبة مرتكبي الانتهاكات ومحاكمتهم انتصافاً للضحايا

(الدكتور شايف بجراحة في المستشفى)

د. شائف جارالله 45 عام دكتوراه في العلوم مستشار لوزارة حقوق الانسان  احد شهود الجريمة نجى من الموت بأعجوبة كما قال لنا عند مقابلته:

 “ذهبت مع مجموعة من أقاربي لتقديم واجب الع زاء لأسرة بيت الرويشان حيث تربطني بهم قرابة مصاهرة ,حضر الآلاف أيضاً لمواساتهم ,وما بين الساعة 3 إلى الثالثة والنصف من ذلك اليوم الأسود كنت اعيش مشهد موت محتم في محرقة جماعية لمئات الاشخاص المتواجدين في القاعة الكبرى، عندما سقطت صواريخ طائرات الحقد الإنساني على رؤوسنا مباشرة . كان يبعد عني الصاروخ الاول عند سقوطه  عشرون متر تقريباً , احدث انفجار هائل وتطاير سقف القاعة في الهواء لنشاهد السماء . كومة من النار والركام كانت مرتفعة عدة امتار في الهواء، والحريق كبير في المكان الذي سقط فيه على أجساد المئات من المتواجدين في الصالة، قذف بي الانفجار و وجدت نفسي ملقياً على الأرض ومن فوقي وتحتي أجساد نهضت بصعوبة وقد أُصبت في رأسي حاولت اتذكر اتجاه بوابة الخروج من القاعة وبصعوبة بالغة وفزع ولاشعور  هرعت نحوها للنجاة , كنت أمشي على جثث وأشلاء، وبالرغم أن فترة وصولي إلى البوابة لا تتجاوز 60 ثانية تقريباً إلا أني شعرت أنها كانت ساعات طويلة . ماكنت أظن أني سأصل، وبدون شعور اتجهت مهرولاً نحو بوابة القاعة الخارجية كان المشهد في الممر المؤدي اليها وطوله حوالي مائة  متر تقريباً مروعاً ومخيفاً ,الجثث مبعثرة والأشلاء متناثرة , قبل وصولي إلى البوابة الرئيسية التفت يميناً نحو  الدور الأرضي للصالة لأشاهد السيارات المتوقفة فيه تحترق بمن فيها، رائحة احتراق لحم البشر كانت تفوح بشكل لا يمكن وصفة، تجاوزت البوابة الخارجية للصالة وبدأت استجمع تركيزي واذا بصوت الطائرة في اجواء المنطقة يعود , لحظات وينطلق صاروخ شاهدته بعيني يسقط على الجزء الاخر من الصالة كان هناك المئات من الضحايا لازالوا فيها مع العديد من المدنيين المسعفين اللذين توجهوا للإنقاذ لتقع محرقة اخرى في مشهد مروع.

“يحظر القانون الدولي الإنساني الهجمات ضد العاجزين عن القتال، والجرحى، وأفراد الخدمات الطبية والوحدات”.”الضربة الجوية الثانية بحسب د. شائف  وقعت بعد 8 دقائق من الضربة الجوية الأولى التي أدت بالتأكيد إلى سقوط مزيد من الضحايا وأول المستجيبين والمنقذين.

أضاف الدكتور شائف ” أجزم بأن المجرمين كانوا يريدون بالقصف المتوالي إبادة كل من كان في القاعة  عن قصد وتعمد انها محرقة إبادة جماعية بكل معنى الكلمة”  ولابد أن يعاقب المجرمون ممن شارك في العدوان على اليمن وتسبب في هذه المجزرة البشعة وكل المجازر التي ترتكب منذ أكثر من عام ونصف، أثق بأن يوم الحساب سيأتي مهما بُعد وتقتص العدالة للضحايا من المجرمين . لقد فقدت العديد من اقاربي ومعارفي في هذه المحرقة وخيم حزنها على كل اليمن([4])

صورة من الداخل للصالة الكبرى بعد استهدافها من قبل طائرات التحالف السعودي

 قاسم حسين أحمد / أحد شهود الجريمة , الذي افاد مركز عين الإنسانية بقوله:

” في الساعة الثالثة عصراً تقريباً وبينما كنت على وشك الدخول إلى الصالة الكبرى لأداء واجب العزاء لاسرة آل الرويشان سمعت صوت انفجارين متتابعين من الغارة الأولى ,وشاهدت انفجاره في الجهة الشرقية من الصالة وابتعدت حينها عن محيط الصالة وأنا اسمع صوت تحليق الطائرات الحربية وبعد مدة تقارب 7-9 دقائق  سمعت صوت تحليق الطائرات بشكل قريب تلاه سقوط الصاروخ الثاني على وسط الصالة المكتظة بمئات المدنيين وأحدث انفجار هائلاً مستهدفاً المدنيين الذي يحتمل نجاتهم من الغارة الأولى, كان  هناك العشرات من المارة والمجاورين قد دخلوا الصالة للإسعاف  والإنقاذ , لقد تعمدت الطائرات استهداف المسعفين وطواقم الإنقاذ ، ما شاهدته من تطاير أجساد وأشلاء الضحايا وجثثهم المتفحمة كان مروع وصادم”

هاشم السقطري (34) أحد ابناء جزيرة سقطرى نجى من الحادثة قابلناه ووصف لنا وقائعها:

 هاشم السقطري يروي لنا قصة نجاته على انقاض الصالة

وصلت للقاعة أنا واثنين من إخواني عبدالكريم أحمد، وصالح سالم وذلك لعزاء الأخ/ جلال الرويشان في وفاة والده ، وبعد مصافحتنا له لم نجد مكان لنجلس لأن القاعة كانت ممتلئة بالمعزين، فقال صالح دعوانا نذهب، فقلت له: نجلس بعض الوقت ثم نذهب، فرأينا أمامنا الأخ/ أحمد القنع فجلسنا عنده أقل من خمس دقائق ثم رأينا اللواء/ عبدالقادر هلال أمين العاصمة– رحمه الله – في الجهة الأمامية، اتفقنا أن نسلم  عليه ونخرج، فمشينا نحوه فسلمت عليه أولاً، ورحب بنا بقوله: أهلاً بأبناء سقطرى، وفجأة وقع الانفجار ثم لم أعلم بشيء لأنه أغمي علينا وفوقنا أكوام الأحجار وأعمدة حديدية ففقت على أصوات كانت تذكر الله و تنادي أنقذونا، وكنت أسمع صوت عبدالقادر هلال وهو يستغيث “أنقذونا” لكني لم استطع تحديد مكانه حينها .. احدهم رفع من فوقي الاحجار ووقفت ابحث عن اقاربي عبدالكريم وصالح وجدت عبدالكريم واخرجته من تحت الركام وبدأت احاول اخراج اثنين اخرين كانوا تحت الركام بجانبه, واثناء ذلك يفاجئنا سقوط الصاروخ الثاني، فقذف بي وارتميت على الأرض وأغمي علي ثانية ، وعندما فقت كنت مصابا في راسي لكن ما افزعني حقا انني لم اعد اسمع اي من الاصوات التي كانت تنادي وتستغيث عقب الصاروخ الاول, الاغلب ان الصاروخ الثاني قضى عليها جميعاً, ثم استجمعت قواي ونهضت متجها الى خارج الصالة وانا اشاهد اكوام الجثث المحترقة والممزقة وانا في حالة ذهول من روع ما اراه “

“” صحيح اني  نجوت بفضل الله من تلك الجريمة بعد أن أصبت في الرأس والظهر، لكن مشهد تلك الواقعة لا يمكن ان يفارق مخيلتي انها جريمة لم يسبق لها مثيل ولا يمكن نسيانها([5])..””

شواهد المكان .

صور للفجوة التي أحدثها الصاروخ.

صباح اليوم التالي زار فريق مركز عين الإنسانية الصالة الكبرى “مسرح الجريمة”  كان المشهد صادماً فالقاعة المكونة من دورين وتقدر مساحتها بـ (3000) متر مربع تقريباً اصبحت أطلالاً فالدمار منتشر في المكان بأكمله.

الدور الأعلى والمخصص للتجمع قد تطاير كامل سقفه المعدني فشدة انفجار القنابل قد احالت السقف إلى قطع صغيرة، جداران الجزء الشمالي  لهذا الدور انهارت  بعد سقوط احد الصواريخ في وسط الصالة  من الجهة الشمالية بحيث كان يجلس المئات من الاشخاص مباشرة وما تبقى من تلك الجدران يعبر لونها الاسود والدخان الظاهر عليها عن شدة الحريق الذي احدثه انفجار الصاروخ والذي اخترق قاعة الدور العلوي المشيد من الخرسانة الصلبة الاسمنت والحديد ويبلغ سمكها 30 سم تقريباً , محدثاً فتحة كبيرة قطرها يقدر ب (1.5) متر تقريبا لينفجر في الدور الأرضي للقاعة والمخصص مكان لركن السيارات وتتطاير الشظايا في أرجاء المكان احرقت كل السيارات المتوقفة فيه بمن فيها  من اشخاص تحولت أجسادهم إلى قطع متفحمه شاهدنا اغلبها في ثلاجات المستشفيات.

الصاروخ الثاني أو القنبلة بحسب ما شاهدناه سقط في وسط الصالة مباشرة من الجهة الجنوبية وقد اخترق أرضية القاعة الصلبة والسميكة محدثاً فتحة كبيرة قطرها يقدر ب (1.5) متر تقريبا لينفجر أيضاً في الجهة الجنوبية من الدور الأرضي مكان توقف السيارات و كما روا لنا الشهود من المسعفين وغيرهم, أن كثير من تلك السيارات كان يجلس فيها السائقين والحراس الشخصيين  ويدعوا بالمرافقين، وذكر المسعفين أيضاً أن من كان يتواجد فوق السيارات وفي الدور الأرضي وجدوهم جثث متقطعة ومتفحمة نتيجة تطاير شظايا الصواريخ التي أحدثت حريق كبير استمر مشتعلا في المكان عدة ساعات وبعض الجثث حرقت حتى اصبحت قطعة صغيرة من شدة الحريق.

مقطع تصوير قناة اليمن اليوم مباشر عقب الحادث والتعليق عليه ببشاعة الجريمة([6])

  • مركز عين الإنسانية زار المكان أثناء تواجد عدد من المنظمات الحقوقية والخبراء المختصين من جهاز الادلة الجنائية وحضور رئيس النيابة العامة وعدد من الصحفيين لمعاينة المكان اثناء تحريزه، حيث تم تحريز  اجزاء من الصواريخ  من قبل مختصين الادلة الجنائية واستطاع فريق المركز التقاط صور بعضها , كذلك أخذنا إفادة  نائب مدير إدارة الأدلة الجنائية التي حرزت قطع الصواريخ عن نوعها بحسب خبرته فأفادنا :

أن الفحص الأولي للأجسام التي تم تحريزها ومنها زعانف القنابل وبعض القطع المدون فيها الصنع  يؤكد أنها  قنابل  تستخدم في القصف الجوي وهي من نوع “جي بي يو – 12 بايفواي 2” (GBU-12 Paveway II) بوزن 225 كيلوغرام موجهة بالليزر وأمريكية الصنع  نوع (MK82).

أمريكا وبريطانيا تتحملا مع التحالف مسئولية ارتكاب الانتهاكات في اليمن بمساهمتها من خلال تقديمها للمساعدات العسكرية والدعم اللوجستي والمعلوماتي والخبرات وبيع الأسلحة، ويمكن ملاحقتهما قانوناً.

بعض أجزاء الصواريخ التي تم تحريزها في المكان

إحدى الشظايا التي تطايرت من جسم أحد الصواريخ التي استهدفت الصالة

فيديو يظهر انتشال جثث وأشلاء ضحايا القاعة الكبرى
  • مركز عين الإنسانية للحقوق والتنمية بعد أسبوع من الواقعة حضر مؤتمر صحفي عقدته جهات إعلامية في القاعة وكانت فرق البحث لازالت تبحث عن الجثث وخلال المؤتمر انتشلت جثة محروقة لأحد الضحايا كانت تحت الركام([7]).

مسؤولية قوات التحالف عن الجريمة قانوناً

‘‘ وفقا لقوانين الحرب، يكون الهجوم غير متناسب بشكل غير قانوني إذا كان يُتوقع للخسارة في أرواح المدنيين أو ضرر المباني المدنية أن تتجاوز الميزة العسكرية الملموسة والمباشرة المتوقعة من الهجوم.وتشكل انتهاكات قوانين الحرب الخطيرة المرتكبة بإرادة – أي عن قصد أو استهتار – جرائم حرب ‘‘ 

بعد مرور ما يقارب أسبوع أعلنت قوات التحالف السعودي في بيان لها وزعته على وسائل الإعلام  بان طائرات التحالف هي المسؤولة عن قصف الصالة نتيجة معلومات مظللة وخاطئة قدمتها قيادات في قيادة الأركان العسكرية اليمنية حسب البيان الذي التزمت فيه أيضاً بتعويض الضحايا .

هذا الاعتراف جاء  متأخراً بعد الواقعة بعدة أيام حاولت خلالها قيادة التحالف إنكار قيام طائراتها بالقصف ونشرت وسائل اعلام تابعة لدول التحالف اخبار مظللة عن الفاعل بتوجيه الاتهام صوب تنظيم القاعدة ونشرت بيان منسوب للتنظيم الارهابي يدعي قيام انتحاري من عناصره بالانفجار داخل القاعة، كما وجهت الاتهام ايضا إلى ما قالت أن الانفجارات كانت نتيجة اطلاق صواريخ من قبل من اسمتهم الحوثيين لتصفية حسابات مع حليفهم الرئيس السابق علي صالح .!

مقطع فيديو يظهر لحظة سقوط الصاروخ الثالث على الصالة الكبرى

 بالرغم من نفي قيادة قوات التحالف علاقتها بالجريمة بداية الامر إلا أن عدد من الدول والمنظمات الدولية وجهت الاتهام للتحالف السعودي في البيانات والإدانات التي اصدرتها وعلى رأسها الامم المتحدة في إشارة واضحة إلى عدم تصديق انكار قوات التحالف ومحاولة التملص من الجريمة بنشر وقائع كاذبة وادعاءات مظللة([8]) .

فكل الشواهد كانت تؤكد مسؤوليتها عن القصف رغم الانكار ومنها حقيقة  سيطرتها التامة على الأجواء اليمنية واستحالة تحليق أي طائرة سواء مدنية أو عسكرية إلا بإذن وتصريح من قيادة التحالف, كما أن العشرات من الشهود والضحايا الناجين الذي قابلهم مركز عين الإنسانية أكدوا دون مواربة سماعهم لتحليق الطائرات الحربية أثناء القصف ومشاهدتهم للصواريخ وهي تسقط على صالة العزاء، هذا بالإضافة إلى مقاطع الفيديو التي سجلها عدد من الناشطين ونشرتها وسائل الإعلام ومواقع التواصل التي تظهر اصوات الطائرات ولحظات سقوط الصاروخ على القاعة.

بيان قوات التحالف نشرته وكالة الانباء السعودية” واس”  

ما ورد في بيان اعتراف قيادة التحالف بقصف طائراتها للصالة  من تبريرات ومحاولة تحميل الجريمة لمن اسمتهم قيادات في هيئة أركان القوات اليمنية قدموا اليها معلومات خاطئة ومظللة ووجهت الطائرات بالقصف دون علم قيادة قوات التحالف ..الخ بيد ان تلك الادعاءات تتنافى مع ما أكده مراراً الناطق باسم قوات التحالف العميد عسيري في تصريحاته ومقابلاته حول  قواعد الاشتباك والاحتياطات التي تتخذها قوات التحالف في عملياتها التي تضمن حماية المدنيين وعدم خرق قوانين الحرب وارتكاب انتهاكات فقد اكد عسيري أن الطائرات لا يمكن أن تقلع أو تقصف إلا بموجب أمر من قيادة التحالف و بعد أن تتأكد قيادة التحالف من صحة المعلومات حول الهدف وكونه عسكري، كما أكد أن العمليات مراقبة ومسجلة من بدايتها حتى عودة الطائرات من القصف([9]).!!

وللأسف فان تأكيدات الناطق للتحالف يكذبها مئات المجازر والانتهاكات التي وثقها مركز عين الإنسانية والمنظمات الدولية الأخرى  منذ انطلاق عملية عاصفة الحزم وآلاف الطلعات الجوية التي استهدفت معظمها مدنيين وأعيان مدنية نتج عنها سقوط أكثر من 10000 ألف مدني قتيل وأكثر من 20000 ألف جريح من المدنيين فضلاً عن تدمير مئات المنشئات المدنية لم تكن أولها مذبحة الصالة الكبرى ويبدوا أنها لن تكون الأخيرة لاستمرار القصف وعدم وقف الحرب .

جرحى الصالة على حافة الموت ولا منقذ !

اكثر من 700 جريح من ضحايا الصالة معظمهم اصاباتهم خطيرة  عجزت مستشفيات العاصمة صنعاء عن استيعابهم، فالحصار المفروض على اليمن منذ عام وثمانية اشهر أثر على القطاع الطبي والصحي في اليمن بشكل كبير، فالمستشفيات التي لازالت تعمل تفتقر الى الادوية والمستلزمات الطبية والكوادر المتخصصة فقد رحل الاطباء الاجانب من اليمن في بداية الحرب.

مع ان القانون الدولي الإنساني يفرض على اطراف النزاع معالجة الجرحى ويعتبر الاخلال بذلك جريمة حرب، وبالرغم من كون الضحايا في هذه الجريمة مدنيين لا يجوز استهدافهم أوالهجوم عليهم بل يجب حمايتهم والعمل على تجنيبهم ويلات الحرب، إلا ان قوات التحالف السعودي لم تلتزم بذلك حيث لم تكتفي بفرض الحصار على الواردات والسلع الاساسية بل عمدت في الاشهر الاخيرة الى اعادة اغلاق مطار صنعاء الدولي لكي تضاعف المعاناة على المواطن اليمني وتحرمه من حقه في الصحة والعلاج وهو ما دعى العديد من المنظمات الحقوقية والوكالات الإنسانية الى إطلاق نداءات الاستغاثة لفتح مطار صنعاء الدولي والسماح بإنقاذ الجرحى، وفي هذا السياق اطلق مركز عين الإنسانية نداء استغاثة ومناشدة عاجلة لإسعاف الجرحى وإنقاذ حياتهم([10]).


 

([2]) مقابلة المركز للشاهد

([3] ) مقابلة للمركز مع نصر الرويشان.

([4] ) مقابلة للمركز مع د/ شائف.

([5] ) مقابلة للمركز مع الشاهد.

 

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
اخبار